اضطر المسلمون في الحبشة ولا سيما الريفيون منهم إلى مقاطعة المدارس الحكومية التبشيرية لما يلاحظون من أن مدارسهم تحرص على التضليل وتشويه الإسلام والنيل من الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من حرصها على التعليم والتثقيف، إذ قد يدرسون في مناهجهم بعض الكفريات التي لا يفطن لها صغار الطلبة حتى ينشأ الطلبة على تصور الإسلام تصورا خاطئا، فيظنون أنه هو السبب في تأخير المسلمين وسيطرة المسيحيين عليهم، مع قلة عدد المسيحيين وكثرة عدد المسلمين. وهي شبهة جد خطيرة كما ترى. ولست بحاجة لأجيب على هذه الشبهة على خطورتها لأن المسلمين في إثيوبيا وغيرها جعلوا يدركون أن السبب تأخرهم وتسلط أعدائهم عليهم هو بعدهم عن دينهم الحق وتصورهم الخاطئ لمفهوم الإسلام حتى ظنوا أنه صلاة وصوم وحج وزكاة فحسب ولا شأن له في السياسة والإدارة وسائر مجالات الحياة، وكأن هذه السحابة أخذت تنفشع شيئا فشيئا ليتصور المسلم أن الإسلام دين ودولة، وعقيدة وسياسة وإدارة.
البديل:
لما تأكد المسلمون من أن المدارس الإثيوبية عبارة عن دور تبشير فقرروا مقاطعتها كما أسلفنا، لم يجدوا بديلا إلا مساجدهم الأهلية التي ينشئونها على حسابهم فاتخذوها مدارس لأولادهم على نظام الحلق المعروفة لدى المسلمين الأولين قبل نظام التعليم الحديث. وإذا أراد طالب التوسع: للإطلاع على بعض المواد التي لا تدرس في تلك المساجد، هاجر إلى حيث الأزهر بالقاهرة، أو إلى السودان، أو إلى الجزيرة العربية مقر الحرمين الشريفين. هذه نبذة عن نظام التعليم في أوروميا.
ولقد حافظوا بهذا النظام على دينهم وعقيدتهم ولغة دينهم اللغة العربية، فطلاب العلم الأوروميون الموجودون في الجامعة الإسلامية حاليا والذين تخرجوا فيها وغيرهم كالدارسين في جامعة الأزهر وغيرها كلهم تخرجوا على هذا النظام المذكور، وبالله التوفيق.