ومعناه: تنزيه الله تعالى عما لا يليق به من سائر النقائص والعيوب. وهو هنا مفيد مع التنزيه التعجيب من عظيم قدرة الله تعالى. وشرف النبي صلى الله عليه وسلم، القدرة الإلهية التي أسرت بعبد الله في دقائق من الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى والمسافة بينهما مسيرة شهر للراكب، ثم إلى الملكوت الأعلى، وعادت به وإن فراشه ما زال دافنا لم يبرد. والشرف النبوي الذي تم في هذا الإسراء والمعراج حيث رفع الله عبده ورسوله إلى أن بلغ به مستوى وقف دونه جبريل عليه السلام وقال معتذرا حيث تخلى عن صحبة محمد صلى الله عليه وسلم وتركه ليرتفع وحده:
وما منا إلا له مقام معلوم.. وارتفع رسول الله حتى انتهى إلى مقام سمع فيه صرير الأقلام وشرفه ربه بالمناجاة والكلام.
أسرى: أسرى فعل ماض وفاعله الله عز وجل ومعناه: السير ليلا ومثله تسرى وهما بمعنى واحد، وأن الإسراء يكون أول الليل، والسري بالضم ما كان أخره. وقد جمع الفعلين الشاعر في قوله:
حي النظيرة ربت الخدر
أسرت إلي ولم تكن تسري
وأسرى به، كسرى به أي سار به ليلا. والأول مصدره الإسراء، والثاني السري والسريان بالتحريك.
{بِعَبْدِهِ} :الباء للمصاحبة، والعبد لغة المملوك الذي عبدته الطاعة لسيده وذللته وهو هنا محمد النبي صلى الله عليه وسلم، والضمير عائد على الإسراء وهو الحق تبارك وتعالى. واختير لقب العبودية هنا عن لقب النبوة والرسالة.. وهما شرفان: لأمرين:
أحدهما: حتى لا تضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم به كما ضلت النصارى بعيسى بن مريم بسبب الغلو في الرفعة والكمال حتى يؤله غير الله تعالى ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، وإنما أنا عبد الله ورسوله فقولوا: عبد الله ورسوله ... ".