للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثانيهم: أن لقب العبودية الخاصة أشرف من لقب النبوة والرسالة وذلك أن اتخاذ الرب المرء عبدا له خاصا به يتشرف بطاعته والقرب منه وبمناجاته وموالاته ومحبته أفضل من أنباء الرب للإنسان بأخبار، أو إرساله برسالة، وقد لاحظ هذا المعنى الشاعر العربي الذي نزل القرآن بلغته في قوله:

يا قوم قلبي عند زهراء

يعرفه السامع والرائي

فإنه أشرف أسمائي

لا تدعني إلا بيا عبدها

{لَيْلاً} : الليل معروف وهو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وضده النهار، وهو من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.. وذكره مع الإسراء من باب التوكيد، كقول من قال جئت أمس نهارا أو أتيت البارحة ليلا، لأن الإسراء والسريان لا يكون إلا ليلا، وتنكيره لتقليل الفترة الزمانية التي كانت فيه، إذ أخبرت أم هاني بنت أبي طالب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نائما في بيتها ليلة الإسراء. أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم فارق فراشه وعاد إليه وهو دافئ لم يبرد بعد..

{مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} : من ابتدائية إذ بداية السري كانت من المسجد الحرام، وذلك أن الملك لما أخذه من بيت أم هانيء ذهب به إلى المسجد الحرام فأجرى له عملية شق الصدر وغسله بماء زمزم، ثم حشو صدره بالإيمان والحكمة أعدادا له للرحلة إلى الملكوت الأعلى.

والمسجد الحرام هو المكان الذي كان حول الكعبة الشريفة كالمطاف اليوم. إذ لم يكن المسجد الحرام مبنيا كما هو عليه اليوم. وسمي بالمسجد لسجود المصلين به..ووصف بالحرام لأنه بالحرم، وكل ما كان داخل الحرم وصف بلفظ الحرام كقولهم المشعر الحرام، والبيت الحرام، والبلد الحرام.

وهو أقدم المساجد على الإطلاق ودونه المسجد الأقصى، والصلاة فيه بمائة ألف صلاة وما حرمت مكة ولا شرفت إلا به، فهو كالبدر ومكة كالهالة له، والبدر أشرف من هالته.