فهذه الآيات الكريمة تحدثت عن وحدة الوحي، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بدعا في الوحي إليه، ولا فيما أوحي إليه، وذكرت عددا من الرسل الأكرمين من أول نوح باعتباره أبا البشر الثاني بعد أدم، وأول أولى العزم من المرسلين، وأول نبي أوحي إليه برسالة من النبيين، وقد كان آدم عليه السلام نبيا مكلما- وبينت الآيات الغاية من الوحي:{لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} ١٦٥: النساء.. ويؤكد اعترف الكريم معنى هذه الوحدة الرسالية في قوله سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ} ١٠٩: يوسف، وقوله سبحانه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ٤٢، ٤٤: النحل، فالله سبحانه يقطع المعذرة وسبيلها على الممترين في أمر الوحي من مشركي قريش وغيرهم، ويسوق لهم الدليل بما سبق من الرسالات، ويأمرهم بسؤال أهل العلم من أهل الكتاب الذين لم يزغ الشيطان قلوبهم، ويتبع الحديث عن إرسال المرسلين- صلوات الله عليهم- بالبينات والزبر بذكر بينة القرآن وإنزال الذكر بيانا للناس كافة، ويؤكد القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ٧: الأنبياء.