قال عبد الرحمن:"لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذابين يكونون في آخر الزمان يكذبون عليه علم أن الأول وهم الصحابة خارجون من هذه الجملة وزائل عنهم التهمة"[١٩] ورواه مسلم بسنده عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سيكون في آخر الزمان أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم" وروى بسنده أيضا عن مسلم بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في الزمان دجالون كذابون به" وروي مسلم أيضا بسنده عن مجاهد قال بشير العدوي إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه فقال: يا ابن عباس مالي لا أراك تسمع لحديثي أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع.. فقال ابن عباس:"إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب [٢٠] والذلول لا نأخذ من الناس إلا ما نعرف". إلى غير هذه الروايات وهي كثيرة، وحاصلها أنه لا يقبل رواية المجهول وأنه يجب الاحتياط في أخذ الحديث، فلا يقبل إلا من أهله، وأنه لا ينبغي أن يروى عن الضعفاء، وسيأتي المراد بالضعف الذي تطرح الرواية بسببه.
بيان أن الأخبار من الدين والتحرز من التوقي فيها.
هنا بيان أن الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقاة، وأن جرح الرواة بما هو فيهم جائز بل واجب، وأنه ليس من الغيبة المحرمة بل من الذب عن الشريعة المكرمة، وسيأتي زيادة في هذا.. روى عبد الرحمن بن أبي حاتم عن ابن سيرين قال:"إنما هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونه".