وقال الحضرمي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في خصمه:"إنه رجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء ... "رواه مسلم [٣٣] .
رأي الخطيب البغدادي في الأمر بجرح غير الثقاة من الرواة.. روى بسنده عن محمد ابن الفضل بن العباس يقول:"كنا عند عبد الرحمن بن أبي حاتم وهو إذن يقرأ علينا كتاب (الجرح والتعديل) فدخل عليه يوسف بن الحسين الرازي فقال له: "يا أبا محمد ما هذا الذي تقرؤه على الناس؟ "قال: "كتاب صنفته في الجرح والتعديل"، قال: "وما الجرح والتعديل؟ "قال: "أظهر أحوال أهل العلم من كان منهم ثقة أو غير ثقة.." فقال له يوسف بن الحسين: "استحييت لك يا أبا محمد، كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم على أديم الأرض"، فبكى عبد الرحمن وقال: "يا أبا يعقوب لو سمعت هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب لما صنعته".
قال الخطيب: وليس الأمر على ما ذهبوا إليه، لأن أهل العلم أجمعوا على أن الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصدوق المأمون على ما يخبر به.
وفي ذلك دليل على جواز الجرح إن لم يكن صدوقا في روايته مع أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وردت مصرحة بتصديق ما ذكرنا.. وبضد قول من خالفنا.
وروى حديث عروة بن الزبير عن عائشة: "ائذنوا له فبئس أخو العشيرة".
قال: ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: "بئس رجل العشيرة"، دليل أن أخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم من النصيحة للسائل ليس بغيبة. لما أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد عليه الصلاة والسلام بما ذكر فيه- والله اعلم- أن بئس للناس الحالة المذمومة منه، وهي الفحش، فيجتنبوها، لا أنه أراد الطعن عليه والثلب له.