في إحدى المدارس وزعت الإدارة بالاتفاق مع مدرسي المواد المختلفة حصص النشاط فكان لكل مدرس مادةٍ حصصٌ معينة للقيام بالنشاط المتصل بها، كالجغرافية والتاريخ والحساب والعلوم وما إليها... إلا مادة التربية الإسلامية فلم تخصص بأية حصة، إذ كان مدرسها غائبا عن ذلك الاجتماع ولم يخطر في بال المدرسين الآخرين أن في مادة الدين أي مجال لنشاط ما، فلما حضر مدرسها وعلم بإغفال مادته من حصص النشاط أبدى استغرابه، وبدلا من أن يستريح إلى إعفائه من تلك الحصص التي ستشغل بعض أوقات راحته خارج مواعيد الدوام، أعلن احتجاجه على ذلك الإغفال، وأكد للإدارة أن مادة الدين أخصب مجال للنشاط المدرسي..وبالفعل لم يلبث أن برهن على صواب ما ذهب إليه، إذ استحدث لحلقته الدينية ألوانا من النشاط أدهشت زملاءه، واجتذبت الموجهين والمدرسين الآخرين لمشاهدتها...وهكذا أثبت هذا المدرس الكفء أن المدرس الصالح جدير بأن يبتدع من أساليب التربية ما يستحق أن يحتذى في سائر المدارس.
لقد أدرك هذا المدرس أن دروس الدين الإسلامي ليست قواعد جافة تقف عند تعريف المصطلحات وبيان الشروط والأركان، واستنباط الأحكام، ودراسة الألفاظ والمعاني...ولكنها إلى جانب هذا كله تربية خلقية تتحول إلى أعمال تتجلى في سلوك أصحابها.
ورأى أن أفضل الوسائل لإبراز هذه الحقائق أن يستعين بالتمثيل والخطابة والمحاورات..فراح يتخير من تاريخ الإسلام بعض المشاهد المؤثرة فيصوغها في تمثيليات قصيرة، يوزع أدوارها على عدد من التلاميذ، ويدربهم على أدائها أمام الجمهور...حتى إذا تمت الاستعدادات لذلك قام التلاميذ المدربون بعرض تمثيليتهم على مسرح المدرسة...فشاهد النظارة تلك الأخبار التاريخية، التي كانوا يقرؤونها في الكتب، أو يسمعون بها من الرواة، أحداثا متحركة أما أعينهم، فيتأثرون بها أكثر من قراءتها.