وأذكر أن مدرسا فطنا استفاد من هذا الحديث في أحد الدروس إذ درّب فرَّاش المدرسة على أداء دور معيّن، وفي أثناء الدرس جاء هذا الفراش واستأذن المدرس ليسمح له بالاستماع إلى درسه، ثم أخذ يطرح عليه بعض الأسئلة المتصلة بصميم الدرس...فلم ينته الحوار حتى كان التلاميذ قد أحاطوا علما بكل تفاصيله...
وفي حديث "ما فعل النغير يا أبا عمير" إرشادات حكيمة توجه المدرس إلى أنجح الطرق في تعليم تلاميذه، إذ تحببهم، بمدرسهم لما يرونه من رعايته إياهم واهتمامه بمشكلاتهم.
أراد صلى الله عليه وسلم ذات مرة أن يعمق ارتباط تلاميذه رضي الله عنهم بالآخرة فصور لهم حياة الإنسان وما يحيط به من أحداث الدنيا أعجب تصوير، إذ رسم مربعا صغيرا رمز به إلى الأجل وجعل في وسطه خطا رمز به إلى الإنسان، ثم مدّ من هذا خطا خارجا من المربع وجعل خطوطا صغارا إلى الذي في الوسط، ثم فسر ذلك بأنه الإنسان يحيط به الأجل وينطلق منه الأمل، وفسر الخطوط الصغار بالأعراض ـ المصائب ـ تنهشه من هنا وهناك.
ومثل هذا التمثيل يعتبر من أرقى أساليب التعليم لاعتماده الرسم الإيضاحي المثبت للفكرة.
وكثيرا ما كان صلى الله عليه وسلم يعمد إلى القصة لإبلاغ ما يريد من الأفكار والإرشادات فتأتي غاية في البلاغة والتأثير...إذ تعرض الفكرة ممثلة في أشخاص بأعيانهم، فتستهوي القلوب والعقول، وتثير المخيلة لاستخلاص العبرة.
من ذلك قصة الملك والساحر والراهب ـ في صحيح مسلم ـ ثم قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد ـ للشيخين ـ ثم قصة أصحاب الغار الذين نجاهم الله بحسناتهم ـ لرزين والترمذي ـ وكذلك قصة الأبرص والأقرع والأعمى من بني إسرائيل ـ للشيخين ـ.
ومن شأن أمثال هذه القصص أن تعلم المدرس كيف يستفيد من أسلوب القصة في إمتاع تلاميذه وإفادتهم.