أما أنهم لم يستجيبوا لأبي ذر رضي الله عنه فلأنه رأي شخصي انفرد به عن جماعة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف بأموال عثمان التي مول منها جيشا كاملا وغيره كثيرون ويكفي أننا وقفنا على أن الزكاة حق معلوم وليس كل المال وقد نوه جميع المفسرين على ذلك عند قوله تعالى:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} ومما وصفهم به {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} أن "من" للتبعيض أي من بعض ما رزقناهم، ولا يخفى أن البعض يتذرع بأبي ذر رضي الله عنه إلى الاشتراكية.
ثم قال السائل: فإذا كنا نفهم من لغتنا أن كلمة - أموالهم - وأموالكم - تعني جميع أموالهم وأموالكم فإننا نستطيع القول مستندين إلى الكتاب والسنة أن الإسلام لم يكتف بفرض الزكاة على جميع الأموال فحسب، بل إنه رغب المسلم في بذلها كلها في سبيل الله.
وهنا نقول كما أسلفنا إن كان المجال للترغيب فالمجال فسيح من شق التمرة إلى كل ما يملك كما قال تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} وكما فعل الصديق.
أما الفرض والإلزام فكما قدمنا أيضا لا بد فيه من معلوم، والمعلوم لا بد أن يكون مقدرا، وهو ما عرف بالنصاب وبالنسبة المعينة.
ثم قال السائل: والأموال منقولة وغير منقولة كلها أموال قابلة للنماء ويتحقق فيها الربح، سواء عن طريق مبادلة عروضها أو منافعها ويجب والحالة هذه فرض الزكاة عليها جميعا إلا ما استثني منها بنص.
أما القول بأن الأموال منقولة وغير منقولة كلها أموال قابلة للنماء ... إلا ما استثني منها بنص فإنه يرد عليه بيت السكنى ودكان المبيع وعبد الخدمة وفرس الحاجة ولعله ما أراده بالاستثناء.
أما الحكم بوجوب فرض الزكاة عليها جميعها إلا ما استثني بنص فإن لقائل أن يقلب المدعى ويقول لا زكاة عليها جميعها إلا ما استثني بنص والذي جاءت فيه النصوص معلوم.