وعلى كل فقد أنزل لعباده من الأرزاق ما يكفيهم كما قال علي رضي الله عنه:
"لقد جعل الله في مال الأغنياء ما يكفي حاجة الفقراء وما اشتكى فقير قط إلا بقدر ما أمسك غني من زكاة"وهذا كله مسلم به والحمد لله.
وقد عقب السائل بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم شرحا وبيانا وتأكيدا للزكاة في الأموال:"أدوا زكاة أموالكم"، وذكر أن القرآن رغب وكذلك السنة في التصدق بكل ما زاد عن الحاجة الأصلية والشخصية:"من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له" وذكر من أصناف المال ما ذكر حتى إن الصحابة رأوا أن لا حق لأحدهم في فضل... وحبب إليهم الإيثار على النفس، {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية.
أما ما كان من الترغيب والحث على الإيثار ونحو ذلك فهو باب واسع لتهذيب النفوس وترابط وتعاطف الأمة وقد خرج الصديق من كل ماله، وهذا مجال المنافسة الحميدة والنفوس الكريمة.
أما العود بفضل الظهر والزاد... الخ فهذا كان في السفر وفي أمس ما يكون للمواساة... بل قد تفرض بعض الظروف عند نقص التموين وإعلان الطوارئ في المجموعات التي تتعرض لمثل ذلك كالمعسكرات والجيوش... الخ.
ولكن ما نحن بصدده وهو فرضية الزكاة فإن نصوصها قطعية الدلالة والثبوت ولكن جاءت النصوص لها بمقادير وحدود معلومة كما في قوله تعالى:{حَقٌّ مَعْلُومٌ} ، والمعلوم لا يكون مجهولا ولا مبهما ولا متروكا لعواطف الأغنياء وسجاياهم.
وكل فرض في الزكاة فهو معلوم المقدار من جانب المالك ومن جانب المسكين.
وقد جاء هذا ضمن رسالة السائل بما نصه: وقد وضحت السنة النبوية الشريفة كيفية تأدية الزكاة وحددت نسبا معينة تؤخذ من الأموال المختلفة، وعلى اختلاف هذه النسب فقد فرضت جميعها على الأموال عينا أو مقومة بنقدها وهذا مبدأ قويم سديد واضح.