أما السبب الثاني لوجود الالتباس على الرأي وهو قول السائل أننا نشأنا في بيئة رأسمالية أثرت في نفوسنا واستقرت في أعماقنا إلى جانب عقيدتنا الإسلامية فأصبحنا نحاول التوفيق من حيث لا نشعر بين إسلامنا وبين حرصنا على أن يبقى المال بيد مالكه لا تؤثر عليه التشريعات الإسلامية.
فهنا يقال وبكل هدوء ما المراد بالبيئة الرأسمالية أهي على المفهوم الاقتصادي التمسك برأس المال أم المفهوم السياسي ما هو مقابلة الشيوعية؟.
وعلى كل إذا كنا نتفق بأننا نشأنا في بيئة مسلمة فإن أقرب الاعتبارات لمدلول هذا القول هو المفهوم الاقتصادي فينبغي أولا وقبل كل شيء أن لا نتأثر بهذه التيارات الحديثة ولو في مسمياتها حتى أننا نسمي النظام الإسلامي باسم مستورد له مدلول خاطئ في نظر الإسلام.
لأن الإسلام ليس رأسماليا ولا حتى اشتراكيا، بل هو الإسلام بنظامه ومنهجه راعي حرمة الملكية وطالب بمساعدة من لا ملك له.
ويحث على الكسب المشروع ويحرم أي كسب غير مشروع والكسب غير المشروع هو المعروف عند الاقتصاديين ما كان في غير مقابل كالربا والميسر والاعتداءات كالسرقة والغصب والغش...الخ.
وعليه فلا يتأتى بحال من الأحوال أن يلتبس النظام المالي في الإسلام بأي نظام مالي آخر.
وبالتالي فلا نحتاج إلى التوفيق من حيث نشعر أو لا نشعر بين عقيدتنا وبين إبقاء المال بيد مالكه لا تؤثر عليه التشريعات الإسلامية.
ثم لماذا نحاول إبقاء المال بيد مالكه وهو بالفعل في يده؟ هذا هو الأصل وهذا ما يسمى في الأصول استصحاب الأصل.
ولكن القضية بالعكس نريد أن نحاول إخراجه من يده بتشريعات جديدة وإسلامية، وهذا محل البحث فهل بالبحث وجدت تشريعات إسلامية سوى ما كانت من قبل تخول إخراج المال من يد صاحبه؟.
وكلنا يعلم أن المال في يد صاحبه معصوم إلا بحقه والمسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه إلا بحقه.