للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالإسلام لم يبتدع التعدد، وإنما جاء فوجده منتشرا في جميع الطبقات يمارسه اليهود والعرب وغيرهم على أوسع نطاق، دون التقيد بأي اعتبار، قال الطبري: "كان الرجل في الجاهلية يتزوج عشرة من النساء والأكثر والأقل" [١٦] .

فكان لا بد أن يتدخل الإسلام لعلاج هذه الظاهرة التي وصلت إلى حد الفوضى في كثير من الأحيان، وأصبح لا دافع من ورائها إلا التلذذ الحيواني، والتنقل بين الزوجات كما ينتقل الخليل بين الخليلات.. فكيف كان علاج الإسلام لها..ذلك ما نبينه في الفقرات التالية:

أولا: بعد أن كان الزواج مطلقا دون حد، متروكا للهوى دون قيد، من شاء فليستكثر ومن شاء فليقلل، قيد الإسلام ذلك بأربع نساء فقط، {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [١٧] .. وعلى إثر نزول هذه الآية قام رسول الله عليه الصلاة والسلام يأمر من كان معه أكثر من أربع أن يمسك منهن أربعا، ويسرح الباقي... روى ابن ماجه أن غيلان بن مسلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اختر منهن أربعا" [١٨] وروى أيضا أن قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثماني نسوة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اختر مهن أربعا" [١٩] .

وعن نوفل بن معاوية الرملي قال أيضا: "أسملت وعندي خمس نسوة"فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فارق واحدة وامسك أربعا، فعمدت إلى أقدمهن عندي عاقر منذ ستين سنة ففارقتها" [٢٠] .

وهكذا ضبط الإسلام نظام التعدد وحدده بما لا يزيد عن أربعة، بعد أن كان مطلقا بدون حد، منطلقا دون قيد.