ثانيا: إذا كان الإسلام حدد الزواج بما لا يزيد عن أربعة إلا أنه جعل لذلك شرطا هو إمكان القدرة على النفقة والقيام بأعباء الزوجية كاملة، وقيدا، هو ضرورة العدل بينهن في المعيشة والمعاشرة، وإلا {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[٢١] ، وبذلك الشرط والقيد تصان الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال، ومن الجور والظلم ... وتحفظ كرامة المرأة حتى لا تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملجئة واحتياط كامل.. والعدل المشروط هنا هو العدل المادي في المعاشرة والمعاملة، وفي النفقة والمعاشرة، وفي كل ما يمكن تحقيق العدل فيه ويدخل تحت طاقة الإنسان وإرادته بحيث لا تبخس زوجة حقها، ولا تؤثر واحدة دون الأخرى بشيء.. أما فيما يتعلق بمشاعر القلوب وأحاسيس النفوس، فذلك خارج عن إرادة الإنسان، واستطاعته، ولا يطالب بالعدل فيه أحد، وإلى هذا المعنى جاءت الإشارة في قول الله تعالى:{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}[٢٢] .
ومع أن نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين نسائه كأرفع ما يكون وأنبل ما يكون إلا أنه مع ذلك كان يقول:"اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"[٢٣] ، ذلك أن القلوب بيد الله، يقلبها كيف يشاء، ولا سلطان لبشر عليها.