ولا ريب أن المتشبه بالمرأة والمتشبهة بالرجل يستحقان اللعن والطرد من رحمة الله إن لم يتوبا، والسر في هذا أن في التشبه تمردا على فطرة الله تعالى، واستجابة لكيد الشيطان الذي أبى أن يسجد لآدم تكبرا فطرد من رحمة الله تعال، فأراد لبني آدم أن يكونوا مثله في ذلك، فأتاهم من كل سبيل ليضلهم ويغويهم ولقد تجاسر الشيطان الرجيم وأبان عن وظيفته الخبيثة فقال {لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[١٢] وفي هذا ضلال مبين، إذ أنه لا يرضى بصنع الله الذي أتقن كل شيء، ولا يروقه حسن الصنعة، وعظمة الصانع القادر، وهو سبحانه ما خلق كل شيء إلا بالحق، ولم يخلق شيئا عبثا ولا باطلا! ولكن الإنسان لضعفه أمام الشيطان وغروره ومكره يرضخ له ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ولذلك فإن التشبه من الكبائر، لاستحقاق فاعله لعنة الله تعالى كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال: شبهت الشيء بالشيء أقمته مقامه بصفة جامعة بينهما، وأشبه الولد أباه وشابهه إذا شاركه في شيء من صفاته والصفة المشترك فيها قد تكون ذاتية، كما يقال هذا الدرهم كهذا الدرهم، وقد تكون معنوية، نحو زيد كعمرو أي في استقامته وورعه مثلا، ويقال تشابه الرجلان إذا تساويا.