فالأمر في أول كلمة من هذه القصة من منزِّل هذا الكلام سبحانه، على خاتم رسله صلى الله عليه وسلم مكلفا إياه أن يبلغها للناس {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ} ، أي بلّغ للعلم والفائدة، وليس للإخبار والإحاطة {نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} ، والإنباء تعبير بوصول بالنبوءة التي هي من شأن الأنبياء لما يلقى إليهم من نبأ كان غيبا وأظهرهم الله عليه لينقلوه إلى عباده ليأخذوا عظته ويدركوا عظمه.. {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} ولهذا لم يقل: واتل عليهم خبر ابني آدم، لأن الخبر مجرد إعلام بشيء ترك أثرا أو لم يترك، وابني آدم هما بالتواتر والأرجح قابيل وهابيل، فقابيل هو أول من مثل الشر على الأرض، وكان بذلك أول جندي لإبليس نفذ به أول برنامج سوئه لما قال:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} فالشطر الأول من تعبير إبليس كان قابيل رمزه، والشطر الثاني كان هابيل رمزه أيضا، {بِالْحَقِّ} أي بالحق الذي وقع وبالحق الذي يجب أن يؤخذ من قصتهما. {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً} والكلام عن القربان تحدث فيه المفسرون كثيرا، وربما تسللت إليه خرافات الإسرائيليات، ولكن مبلغ اجتهادنا عن الأصح من الكثير الذي قيل، أن الله جعل حواء تنجب توأما ذكرا وأنثى في كل ولادة، وأنه كان تشريع ابتدائي أن يتزوج الذكر بالأنثى من كل توأم، حتى يكثر النوع البشري ثم ينسخ ذلك ويحرم كما حدث في العصر التالي مباشرة فلم يكن في البداية غير أولاد آدم ينتظر منهم الجنس الإنساني {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء} ، لكن زميلة قابيل لم تكن بالجمال التي عليه زميلة هابيل، فحقد على أخيه وطلب منه مبادلته، - وذلك مبدأ مؤلم صارت به الشهوة من أشد الدوافع إلى