فهل هذا كله في تعاليم الإسلام أو فعله المسلمون، أم كان كما ذكرنا وهو قليل من كثير اكتفينا بما أوردنا تحاشيا للتطويل، ومثل يكفي عن أمثال، وهكذا فعله غيرنا، وهذا الغير هو عدونا فعله ونسبه إلينا، على طريقة (ضربني وبكى، وسبقني واشتكى) و (رمتني بدائها وانسلت) ، ليشفوا ما بصدورهم من عداوة الديانة، وضغينة العقيدة.
فماذا فعل الإسلام لما جاء، ووجد هذا الوباء قد هيمن على الأرض في كل الأرجاء، كان من الحكمة ومن جمال التنظيم الإلهي لملكوته، ألا يلغيه سبحانه بمجرد جملة وحي ينزلها، وإنما درجها على طريقة ما فعل تعالى في أمر الخمر، فملأ قرآنه بتشريعات جعل الشرط الأول في كفارتها عتق الرقاب وحرية هؤلاء الأدلاء، فقتل الخطأ بأنواعه الثلاثة، قتل مطلق ولو كان ذا قربى، وقتل عداوة الخصومة والمقتول مؤمن، وقتل المترابطين بميثاق ولو غير مؤمن، يلزم فاعل الحالات الثلاثة بعتق رقبة، ولا يقبل غيرها ما دام يملكها.
الإفطار العمد في رمضان، كذلك.
كفارة الظهار، كذلك.
كفارة اليمين، كذلك.
وبغير كل ما مر جعل الإسلام أعظم ما يتقرب به المسلم إلى ربه عتق الرقاب، ولنقدم نماذج رائعة ليعرف الكل كيف كنا مع هذا التوجيه السماوي الرفيع، بادئا بأقوال من رسولنا صلى الله عليه وسلم ثم بمن دونه.
"ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته، رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره" رواه البخاري.
"ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة: من تقدم قوما وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دبارا – أي يقضيها بعد فواتها- ورجل اعتبد محرره" رواه أبو داود.