للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما عن مواد هذا الباب (الباب الرابع) التي تحدثت عن حق كل إنسان في تولي الوظائف رئاسية كانت أو مرؤوسية، ونحن لا نتركها منفلتة مطلقة، وإنما نشترط في ذلك الاستقامة على أمر الله والاشهاد بالأمانة والحرص على قضاء مصالح المسلمين، وسنكتفي بآيتين نفصلهما تفصيلا مسهبا إن شاء الله يستبين منهما القارئ ما وضعه الإسلام من ركيزة راسخة الغور، تقوم عليها ولاية الأعمال في الدولة لتخدم غيرها وليس لتخدم هي، والآية الأولى تتصل برأس الدولة، والثانية بأعضائها الذين يتكون منهما جسم هذه الدولة.

فعن الأولى يقول عز من قائل: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} ، والتمكين في الأرض هو بأعلى ما يتولى الإنسان من شؤون يصبح بها سيد قومه المطاع، وقد أشير بذلك في أكثر من آية، كقوله سبحانه عن ذي القرنين {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ، فقد آتاه سبحانه من القوة والسلطان ما ذكرت الآية بعد ذلك، وكقوله تعالى {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ} ، وكقوله تعالى {ولقد مكناهم فيما إن مكنَّاكم فيه} أي القوة والجاه والسلطان.