للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك - بعد تحليل هاتين الآيتين - هو حقيقة العمل للصغير والكبير والمحكوم والحاكم، بشروطه الرائعة التي وضعتها الآيتين، وميزته الفذة الفريدة، أنه عمل مُسعد لأهله حالا مآلا، وليس على طريقة حقوق الإنسان التي وضعها لنفسه، فهي مادة صرفة تنتهي بنهاية مادة الدنيا، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.

ثم كعاتنا نقدم من عاطر ما سلف من أيامنا نماذج نصِّية لا تعليق معها.

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله: ألا تستعملني؟ - أي توكل إليّ بعض عملا - فضرب بيده على منكبي ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها" رواه مسلم.

وعن يزيد بن أبي سفيان قال: قال لي أبو بكر الصديق حين بعثني إلى الشام، يا يزيد، إن لك قرابة عسيت أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أكثر ما أخاف عليك بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحد محاباه، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم" رواه الحاكم وصححه.

جاء رجل يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: متى تقوم الساعة؟ فقال له: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، فقال الرجل: وكيف إضاعتها؟ قال إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة" رواه البخاري.

عن جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان" رواه البخاري.