للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحدث عمر رضي الله عنه مع الناس يوما فقال: "أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل، كنت قضيت ما عليّ"، قالوا: "نعم"، فقال: "لا حتى أنظر عمله، أعمل بما أمرته أم لا؟ ... أيما عامل لي ظلم أحدا بلغتني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته"، وقد ظلم أحد الولاة رجلا من الرعية في أرضه فشكاه إلى عمر فبعث إليه يقول: "أنصف فلانا من نفسك، وإلا فأقبل، والسلام"، فسارع الوالي بردّ الأرض إلى صاحبها، وفي خطاب له إلى أحد الولاة يقول: "إفتح لهم بابك، وباشر أمورهم بنفسك، فإنما أنت رجل منهم، غير أن الله جعلك أثقل منهم حملا".

وكتب رضي الله عنه إلى عامله أبي موسى الأشعري: "قد بلغ أمير المؤمنين أنه فشا لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك ومطعمك ومركبك ليس للمسلمين مثلها، فإياك يا عبد الله أن تكون مثل البهيمة التي مرت بواد خصب، فلم يكن لها هم إلا السمن، وإنما حتفها في السمن، واعلم أن للعامل مردا إلى الله، فإذا زاغ العامل زاغت رعيته، وإن أشقى الناس من شقيت به رعيته".

وبلغه رضي الله عنه أن أميره على الكوفة قد بنى لنفسه منزلا فخما، وجعل عليه حاجبا، فأرسل محمد بن مسلمة رضي الله عنه وأمره أن يأخذ زيتا وحطبا ويحرق القصر، وأعطاه رسالة ليبلغها له "بلغني أنك بنيت قصرا اتخذته حصنا، وجعلت بينك وبين الناس بابا، فليس بقصرك، ولكنه قصر الخبال، لا تجعل على منزلك بابا يمنع الناس من دخوله، وتنفيهم به عن حقوقهم".

كتب إلى عمرو بن العاص واليه على مصر يقول له: "بلغني أنك تتكئ في مجلسك، فإذا جلست فكن كسائر الناس".

وقوله رضي الله عنه: "أنا في مال المسلمين كولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف".

ونختم بهذا الحديث وإن لم يأت في ترتيبه مع الأحاديث "من استعمل رجلا على عصابة، وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين" رواه الحاكم وصححه.