وحسبنا ذلك من كثير {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُون}
أما عن حرية الفكر فيما يدعى بإعلان حقوق الإنسان، فمن في العالمين طُرًّا يضاهيها في هذا؟ لقد زخر كتابنا الأعظم في الحصن على إطلاق الفكر بآيات عديدة، وليست باثنتين أو ثلاثة، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ} ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} ، {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} ، {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ}{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِم}{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} وكثير غيرها.
والتفكر عندنا ذو غايتين، نفكر في هذا الصنع الملكوتي الهائل، سواء ما ثبت منه كالسماء وما فيها من شمس وقمر وكواكب، والأرض وما فيها من هواء وفضاء وجبال ورمال، أو ما يتقلب فيها من عوارض إنسانية وحيوانية وزرعية، أو ما لا حصر له من عجائب هذه الصنعة الكونية المهيبة، فمن شأن الفكر في هذا أن يصلنا بغير انقطاع بالقوي الأعظم الذي صنع فأبدع، فنزداد به إيمانا وعليه اعتمادا وبه وثوقا، فنأمن في جنابه وننأى عن عذابه، لما فنينا في طاعته وتسابقنا إلى مرضاته، نتيجة للتفكر في ملكوته زيادة على تصديقنا برسالاته.
والغاية الثانية من التفكر لننتج بها فجاجا من أصول شريعتنا ومعين سنتنا، بما نسميه (الاجتهاد) ، تلك الفجاج التي نأخذ نورها من نور الله الذي أنزله الله على رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ليكفي به العالمين ضياء مثناء، فيستمر هذا النور بالاجتهاد وهاجا لا يخبو ما بقيت أيام الدنيا، فلا إثم يقع علينا ولا كبت يئد فكرنا.
أما عن الذين جاؤوا ليضعوا لنا في آخر الزمان حقوق الإنسان، فاسمع عنهم أيها القارئ ما ظنوه جهل لدينا.