والآية الكريمة التي حددت مصارف الزكاة بدأت بذكر الفقراء والمساكين، وتقديمهما في الذكر يدل على عناية الإسلام بهما، لأن هذا الصنف من الناس قلما يخلو منه مجتمع من المجتمعات وهو كثيرا ما يهدد بحاجته المجتمع في أمنه واستقراره فإن ثورة الفقر عارمة، فبالزكاة تسد حاجة هذا الصنف، ويطهر قلبه من الحقد والحسد فيعيش متعاونا مع إخوانه الأغنياء الذين شعر منهم بالعطف والرحمة، قال تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[٤] .
ومن مصارف الزكاة العاملون عليها وهم: السعاة الذين يبعثهم الإمام لأخذها من أربابها وجمعها وحفظها ونقلها ومن يعينهم في ذلك ممن يسوقها ويرعاها ويحملها، ويدخل فيهم الكاتب والحارس والقاسم.
وقد حرص الإسلام على أن يقوم العامل بعمله مقابل أجر يتناسب والعمل الذي قام به وبهذا يتحقق الحافز المادي الذي يجعل العامل يخلص في عمله ويجتهد فيه ويؤديه علي أكمل الوجوه وأحسنها ومن هنا يظهر لنا أن الشريعة الإسلامية كان لها فضل السبق في تقرير هذا المبدأ العظيم.
وفي صرف الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم رجاء تأييدهم، واتقاء كيدهم، وإلى الغزاة في سبيل الله المقاتلين للأعداء الذائدين عن الدين والوطن ما يوحي بأن من أغراض الزكاة تمكين ولاة الأمر من القيام بما عهد إليهم من الدفاع عن العقيدة، والدعوة إليها بالترغيب في الإسلام من طريق نشر محاسنه، ودحض المفتريات والشبه التي يثيرها أعداء الإسلام.