لقد ثار أهلها على النجاشي لما سمعوا منه ما يدل على تصديقه للرسول صلى الله عليه وسلم فكيف يسمحون بنشر الدعوة وإقامة الدولة؟؟ لا بد من البحث عن مكان صالح يلجأ إليه المهاجرون.
وكان موسم الحج، وكان لقاء العقبة، وسنحت يومئذ الفرصة فاهتبلها المسلمون، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير رضي الله عنه مع أهل يثرب يعلمهم القرآن، ويفقههم في الدين، وفتحت يثرب ذراعيها للوافدين من المؤمنين.
٢- عقبات في الطريق:
لم يرض أهل مكة أن يخرج المسلمون منها إلى أي مكان ولو تركوا أموالهم وديارهم، لذلك وضعوا العقبات في طريق المهاجرين، وحالوا بينهم وبين ما يريدون، واستعملوا في منعهم شتى الحيل.
فعندما أراد صهيب بن سنان الهجرة تصدوا له، وقالوا:"أتيتنا صعلوكا حقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك والله لا يكون ذلك"، فقال لهم صهيب:"أرأيتم إن جعلت لكم مالي، أتخلون سبيلي؟ " قالوا: "نعم"، قال:"فإني جعلت لكم مالي".
وهذا عياش بن أبي ربيعة، هاجر، وبلغ المدينة، ولكن أهله لم يسكتوا على ذلك، فخرج في إثره أبو جهل ابن هشام، وأخوه الحارث بن هشام - وكان عياش ابن عمهما وأخوهما لأمهما - فلما قدما المدينة احتالا عليه، وقالا:"إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك"، فانخدع عياش بحيلتهما رغم نصيحة عمر بن الخطاب رضي الله عنه له وسار معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق أوثقاه وربطاه، وعادا به إلى مكة وفتناه، ودخلا به مكة نهارا موثقا، وقالا:"يا أهل مكة، هكذا فافعلوا بسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا".
ولما أراد أبو سلمة أن يهاجر رحل بعيره، وحمل عليه زوجته ومعها ابنها سلمة وهم بالخروج فرآه قوم أم سلمة، فقالوا له:"هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ ".