للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقضاء على هؤلاء الزعماء، تمهد الطريق للإسلام، وبتبرم النفوس من حياة الحرب والخوف والقلق، وتطلعها إلى حياة آمنة مستقرة كان كل شيء قد تهيأ ليستقبل الإسلام والمسلمين.

د - الإيمان العميق:

ويتوج هذه الأسباب كلها ذلك الإيمان العميق الذي ملأ قلوب المهاجرين والأنصار على حد سواء، فقد كانوا واثقين بوعد الله لهم، وكانت المحنة التي عاشها المهاجرون تضاعف الإيمان في قلوبهم، لأنهم يعلمون أن هذا الطريق لا يمكن أن يكون ممهدا سهلا، فحياة الأنبياء كلها مشقات، حياة المصلحين كلها عقبات، وما داموا قد عزموا على السير في طريقهم، فلا بد لهم أن يتحملوا مثل تحملهم حتى تكون العاقبة لهم.

بهذا الإيمان العميق هاجر المسلمون من مكة، وبمثل هذا الإيمان استقبلهم الأنصار في المدينة، وبهذه العقيدة الراسخة ودعوا بلادهم وضحوا بالأموال والأولاد وبمثل هذه العقيدة الراسخة عوضهم الأنصار كل ما فقدوا فآثروهم بالأموال، وهيأوا لهم حياة الأمن والاطمئنان.

وكانت الأوضاع في المدينة قد تهيأت لقبول الدين الذي حمله إليهم المهاجرون، إن الإيمان العميق والعقيدة الراسخة يجعلان صاحبهما أقدر على تحمل التبعات والنهوض بأعباء الرسالة التي آمن بها، إنهم بالإيمان صبروا على أذى المشركين في مكة، وبالإيمان شقوا طريقهم في المدينة، وتحملوا لأواءها حتى قامت على أكتافهم دولة الإسلام.


[١] ابن هشام (١/٤٦٨-٤٦٩) .
[٢] مختصر السيرة (١٧٣) .
[٣] ابن هشام (١/٤٩٢) .
[٤] وفاء الوفا (١/١٦١) .
[٥] أخبار مدينة الرسول ص١٢.
[٦] نفسه.
[٧] المفصل (٤/١٣٠) .
[٨] مسلم بشرح النووي (٩/١٥٥- ١٥٦) .
[٩] الزخرف الآية: ٣١.
[١٠] مختصر السيرة ص١٤٩.
[١١] ابن هشام (١/٤٢٩) .