أعاد الخليفة رسل المغول الذين حملوا إنذار سلطانهم إليه بعد أن زودهم بالهدايا والتحف وبعث معهم وفدا على رأسه شرف الدين بن الجوزي يحمل رده على السلطان المغولي، فاتجه الوفد ومعه رسل المغول إلى همذان حيث كان السلطان يعسكر هناك فلما ترجم لهولاكوخان ردّ الخليفة الذي كان ينطوي على التهديد المشفوع بالرغبة في المسالمة أغضبه ما فيه من تهديد [٩] وحمّل رسل الخليفة إنذارا ثانيا بمهاجمة بغداد فسلم الرسل الإنذار إلى الوزير مؤيد الدين بن العلقمي الذي سلمه بدوره إلى الخليفة فاستشاره الخليفة فيما ينبغي أن يفعله لدرء هذا الخطر فأشار عليه الوزير بإرسال مبلغ كبير من المال وكثير من الهدايا والتحف إلى هولاكو مع الاعتذار عما ورد في رده عليه من عبارات التهديد والموافقة على الدعاء له في خطبة الجمعة ونقش اسمه في السكة [١٠] .
ونحن نشك كثيرا في الجزء الأخير من هذه المشورة إذ كيف يطلب الوزير المسلم من الخليفة الدعاء لهولاكو على المنابر ونقش اسمه على السكة وهو وثني باعتراف رشيد الدين نفسه الذي يذكر عنه في نفس مؤلفه ص٣٣٧ أنه بنى معابد للأصنام في مدينة (خوى) مما يجعلنا نستبعد أن يكون ذلك من بين ما أشار به وزير الخليفة إلا إذا كان ذلك من قبيل التقية والتحايل للخروج من المأزق بإرضاء هولاكو ليصرفه عن غزو بغداد ولو مؤقتا حتى تتهيأ للخليفة أسباب القوة ويتمكن من الصمود له وحماية رعيته من بطشه.
وقد مال الخليفة إلى الأخذ برأي وزيره ولكن منافسي الوزير اتهموه بممالأة المغول فعدل الخليفة عن العمل بمشورته وأرسل إليه رسالة جاء فيها:"فقو قلبك ولا تخافن تهديد المغول ووعيدهم فإنهم رغم كونهم أرباب دولة وأصحاب شوكة إلا أنهم لا يملكون سوى الهوس في رؤوسهم والريح في أكفهم"فاضطرب الوزير لعدم فهم الخليفة للموقف وأيقن أن دولة العباسيين قاب قوسين أو أدنى من الزوال [١١] .