للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصلت طلائع الجيوش المصرية إلى غزة وأرغمت المغول على التخلي عنها ودخلها الأمير بيبرس على رأس فرسانه، ولم يكن المغول يتوقعون أن يصل المصريون إليهم بهذه السرعة فلما رأوا الجحافل الإسلامية قد ملأت السهول والأودية اضطروا إلى إخلاء جنوب الشام وأشار بعض ضباطهم على قائدهم كيتوبوغا نويان بطلب النجدة من السلطان هولاكو ولكنه اغتر بقوته وخدع بانتصاراته السابقة ولم يعمل بمشورتهم.

سارت الجيوش الإسلامية من غزة متجهة إلى الشمال ومحاذية ساحل البحر الأبيض ومرت بيافا وقيسارية إلى جبل الكرمل جنوب حيفا وعند قرية ((عين جالوت)) الواقعة بين بيسان ونابلس دارت المعركة الفاصلة بين الجيش الإسلامي وجيش المغول في ٢٥ من رمضان سنة ٦٥٨هـ.

بدأت المعركة بهجوم عنيف من المغول فتراجعت ميْسَرَة الجيش الإسلامي وإذا بنداء يدوّي في ساحة المعركة ((وا إسلاماه وا إسلاماه وا إسلاماه)) فاتجهت الأنظار إلى مصدر الصوت فإذا المنادي هو السلطان نفسه فالتهب حماس الجيش وعادت الميسرة إلى مكانها الأول وحمل الجيش الإسلامي حملة صادقة على جيش المغول حتى هزمهم هزيمة ساحقة ومزقهم شرّ ممزق وخرّ قائدهم كيتوبوغا صريعا في الميدان واعتصمت طائفة منهم بالتل المجاور لمكان الموقعة فأحدقت بهم العساكر المسلمة وصابروهم على القتال حتى قتلوا معظمهم وفرّ الباقون لا يلوون على شيء وقتل الأهالي الموتورون من المغول من وقع في أيديهم من هؤلاء الفارين [٢٢] .

وبعد انتهاء الموقعة اتجه السلطان قطز إلى دمشق فقوبل بحفاوة بالغة من أهلها لأنه صدّ هذه الموجة العاتية التي اجتاحت بلادهم وأنزلت بهم صنوف البلايا وقد أمر السلطان بشنق الذين تعاونوا مع المغول وعيّن حاكما على دمشق من قبله [٢٣] .