للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما أبو بكر من حيث كمالاته النفسية والخلقية، والتي هي مدار الأسوة للدعاة الناشئين فنستعرض طرفا منها فنقول: إن فضل أبي بكر نتركه للرسول صلى الله عليه وسلم وجده يذكره لنا ويقف بنا عليه، فما هناك من هو أصدق من رسول الله، ولا أعرف بأبي بكر منه فلنستمع إلى أعظم بيان في هذا الشأن روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن من أمنِّ الناس عليَّ في صحبته وماله، أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام".

إن هذا الخبر الصادق يعلن عن سمو أبي بكر وعلو شأنه بحيث لا ينبغي لأحد أن يطمع في درجة أبي بكر بحال من الأحوال، ولو اكتفينا بذكر هذا الخبر في بيان فضل أبي بكر لكان كافيا، غير أن حبنا للصديق يأبى علينا أن لا نذكر المزيد من فضائله.

أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر أنا، قال فمن تبع اليوم منكم جنازة؟ قال أبو بكر أنا، قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر أنا، قال فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة".

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم".

عفته:

ومن كمالات الصديق النفسية والخلقية التي اشتهر بها بين قومه في الجاهلية قبل الإسلام أنه لم يشرب خمرا قط ولم يقل شعرا، وقد روى ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها بسند صحيح قالت: "والله ما قال أبو بكر شعرا قط في جاهليته ولا في إسلامه، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية".