للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا دال على كمال الرجل العقلي ومدى ما كان عليه من مروءة تأبى عليه أن يسف في قول أو عمل يتنزه عنهما عظماء الرجال، وهذا الكمال هو الذي رشح أبا بكر الصديق للدعوة إلى الإسلام فدعا أخيار قريش في الجاهلية إلى الإسلام فأجابوه طواعية واختيارا وهم من كانوا من كبار الصحابة وخيارهم فيما بعد كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وغيرهم من رجالات الإسلام بمكة. ذكر ابن عساكر الرواية التالية وأنها مع غرابة سندها لا تتعارض مع حياة الصديق وتطلعاته إلى الكمال حتى في عهد الجاهلية قبل الإسلام قال فيها ابن عساكر: قيل لأبي بكر الصديق في مجمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل شربت الخمر في الجاهلية؟ "فقال: "أعوذ بالله"، فقيل له: "ولم؟ "قال: "كنت أصون عرضي وأحفظ مروءتي فإن من شرب الخمر لم يحفظ عرضه وأضاع مروءته وكيف يحفظ مروءته أو يصون عرضه من يفسد عقله فيصبح في حالة سكر لا فرق بينه وبين المجانين إذ قد يقول الهجر ويأتي العهر وهو لا يرى ما قال ولا ما فعل، والعياذ بالله".

كمال عقله:

إن كمال العقل في المرء مصدر شرفه وينبوع كمالاته ومن أوتي كمال العقل تأهل للعبادة بين الناس وشرف فيهم والسلطان عليهم وإن حظ الصديق من كمال العقل كان وافرا كبيرا، ولنورد تدليلا على ذلك بعض مظاهر ذلك لنشاهد من خلالها كمال عقل الصديق رضي الله عنه فنقول:

١ – إسلامه المبكر الذي لم يسبقه فيه أحد من رجال قريش أبدا بشهادة الكثيرين كعلي بن أبي طالب وزيد بن أرقم وابن عباس وغيرهم وفي ذلك يقول حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعوة الإسلامية رضي الله عنه:

إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة

فاذكر أبا بكر بما فعلا

خير البريئة أتقاها وأعدلها

إلا النبي وأوفاها بما حملا

والثاني التالي المحمود مشهده

وأول الناس منهم صدق الرسلا