للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الجانب العلمي في حياة الداعي يعتبر من أهم جوانب حياته، إذ بدون العلم بدعوة الله تعالى والفقه في أسرارها والبصيرة في شرائعها وأحكامها، لا يتأتى للمرء مهما كان صادقا مخلصا أن يدعو إلى الله تعالى، ويفيد الناس بدعوته إن من لا يعرف الله تعالى ولا يعرف الطريق الموصل إليه سبحانه وتعالى، ليس من حقه ولا من شأنه الدعوة إليه إذ فاقد الشيء لا يعطيه.

ولما كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أحد نماذج الدعاة الصالحين كان لا بد من الكشف عن جانب حياته العلمية والفقهية ليقتدي به في ذلك ويؤتسى، إذ الغرض من دراسة هذه الشخصيات التي لمعت أسماؤها في دنيا الدعوة وازدهرت بدعوتها الحياة هو الاقتداء بهم وتقمص حياتهم، ليكون المقتدي بهم خلفا لهم في دعوتهم، يبلغها كما بلغوها، ويبينها للناس كما بينوها وبذلك تتصل حلقات الدعوة ويستمر هدى الله في الناس.

إن أبا بكر الصديق على جانب كبير من العلم والفقه، إذ كان كبار علماء الصحابة يعترفون له بذلك ويعدونه أعلمهم وأفقههم في دين الله تعالى، ولنذكر شواهد ذلك براهين على علم أبي بكر وكماله فيه وعلى فقهه في شرع الله وتفوقه فيه ولما عسانا أن نكتسب من علم أبي بكر وفقهه.

١ – روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال: "إن الله خير عبدا يبن الدنيا، وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله تعالى". فبكى أبو بكر، وقال: "نفديك بآبائنا وأمهاتنا"، وقال أبو سعيد: "فعجبنا لبكاء أبي بكر وقلنا يخير الله عبدا من عباده بين الدنيا وبين ما عنده فيختار ما عنده فيبكي أبو بكر، ولكن لم يلبث حتى عرفنا أن المخيّر هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك كان نعيا لحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا، فعرفنا أن أبا بكر كان أعلمنا".