فهذه كالتي سبقت من مظاهر التواضع الفذ النادر الذي لم يعرف به أحد غير أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخرى فقد روي عنه رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا مُدح يقول:"اللهم أنت أعلم مني أنت أعلم مني بنفسي وأنا أعلم بنفسي منهم اللهم اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون".
هذا عن تواضع أبي بكر رضي الله عنه أما حلمه فالحديث عنه يطول ومن أحلم من أبي بكر؟ أخرج أبو نعيم وغيره عن عبد الرحمن الأصبهاني قال:"جاء الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى أبي بكر وهو على منبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: انزل عن مجلس أبي فقال: صدقت: إنه مجلس أبيك وأجلسه في حجره وبكى، فقال علي رضي الله عنه: والله ما هذا عن أمري، فقال أبو بكر: صدقت، والله ما أتهمك".
إن هذه الحادثة إن تمت على وجهها كما رويت تكشف عن مدى حلم أبي بكر الصديق وتجعله بحق مضرب المثل في الحلم وضبط النفس ورباطة الجأش، وصدق القول وسلامة الصدر ولنستعرض جزئيات الحادثة مفصلة ليتبين لنا وجه الكمال النفسي فيها، ونظهر حقيقة الحلم الذي كان خلق أبي بكر رضي الله عنه.