وقال تعالى في سورة النحل:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} . فأنت ترى أن الله تعالى وعد الذين يعملون الصالحات ويتمسكون بالإيمان أن يحيهم حياة طيبة في الدنيا ويجزيهم جزاء حسنا في الآخرة فإذا أحياهم حياة سيئة بالشقاء والحرمان فذلك دليل قاطع على أنهم عملوا السيئات وأن الله سيعذبهم أكثر مما عذبهم في الدنيا إذا عرف المسلمون ومنهم العرب هذه الحقيقة وجب عليهم أن يكونوا على يقين أن كل حركاتهم في هذه الأزمنة الأخيرة لا يزيدهم إلا خبالا ولا تكون عليهم إلا وبالا فيجب عليهم أن يبحثوا عن طريق جديد وجهة جديدة ولن يجدوها إلا في الرجوع إلى القرآن وقد تحديناهم نحن وأساتذتنا مئة سنة أن يجدوا سبيلا أخرى للخلاص فلم يجدها ولن يجدوها أبدا.
ومن ذلك تعلم علم اليقين أن السفهاء الذين يسمون الرجوع إلى القرآن والتمسك بالإسلام رجعية. هم شر رجعيين في العالم ولا تجد لرجعيتهم نظرا بين الرجعيات في هذه الدنيا وإذا تجرؤا وزعموا أنهم تقدميون فإن جميع أهل الأرض يلعنونهم ويسخرون منهم وذلتهم وفقرهم وجهلهم وحقارتهم شهودا عدول على كذبهم، أضف إلى ذلك طيشهم واستبدادهم وفقدان العدل والمساواة بينهم وإنهم فوضى يخبطون خبط عشواء في ليلة ظلماء، لا استقرار عندهم ولا أمن يثور بعضهم على بعض ويفني بعضهم بعضا كل ثائر يريد أن ينعم بالاستبداد والطغيان ولو مدة قصيرة ومع ذلك يمدحون الثورة ويجعلونها من القواعد المرغوب فيها لذاتها وإن لم يترتب إلا زيادة الشقاء والشتات والدموع والدماء لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون.