والأديب هو لسان الحياة والمجتمع وعليه توضيح ما في هذه الحياة وما في هذا المجتمع من عقائد ومبادئ ومشكلات لأنه ابن لهذه الحياة وفرد من ذلك المجتمع، بل هو أعظم مسئولية لأن عنده الأداة التي يستطيع بها المشاركة وليست مع غيره هذه الأداة، ولأن معه أدبا وفنا ليسا لدى سواه يستطيع بهما وصف الحياة بصدق وتوضيح العقيدة بإخلاص وتوجيه المجتمع إلى ربه الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة.
فلا بد إذن من التزامه بواجبه تجاه عقيدته ومجتمعه، وليس الالتزام شيئا مناقضا للحرية بل هو منظم لها، والحرية بدون التزام فوضى.
فالإنسان المفكر والأديب مثلا لم يكن له الاختيار في وجوده في هذا العالم وليس سببا مباشرا في أوضاعه الراهنة، لكنه ملزم بأن يتخذ موقفا من هذه الأوضاع وفي نفس الوقت تتأكد حريته في اختيار الوسائل في كل موقف، وفي نوعية الموقف ذاته وفي اختياره للجماعة التي يعمل معها وللجماعة التي يعمل ضدها، ووسائل المناصرة أو النضال هي أيضا تدخل في إطار مفروض عليه ولكنها متفتحة على أنواع كثيرة من الاختيارات.
فالحرية المطلقة بالنسبة للأديب إذن شيء وهمي والالتزام في الوقت نفسه دون حرية عبودية وغباء، لأن الإنسان اجتماعي بطبعه أي أنه مسئول لأنه حر وملتزم لأنه يتحمل مسئولية حريته وهذا شيء لا بد أن يضعه الأديب نصب عينيه.
والأديب الإسلامي المسلم خاصة لا بد أن يأتي إنتاجه الفكري متأثرا بأوضاعه التاريخية لأن شخصيته تستمد جذورها من الإسلام.