فيسألهم النبي سؤال أن من يتوقع منهم ألا يقاتلوا فينكرون عليه ذاك التوقع، ويعجبون أن يظن بهم هذا الظن، وقد أخرجهم عدوهم إخراجا مُرًّا من ديارهم التي كانوا فيها آمنين، وانتزعهم من أبنائهم وأهليهم انتزاعا ينزف الدم والدمع.
ويجاب الطلب ويكتب القتال، ويقودهم ملكهم طالوت إلى المعركة، وكان ما توقعه ذلك النبي.
فتولوا مدبرين قد نسوا أوطانا وديارا وأبناء اتخذوها من قبل ذريعة، وأعرضوا عن جهاد مفروض كانوا قد طلبوه ولم يثبت في ميدان المعركة إلا القليل.
لقد جاء الاستفهام في {أَلَمْ تَرَ إِلَى} للتعجب والتعجيب والتنبيه.
ولقد رأيت في هذه القصة العجب، وعرفت من أين يجيء التعجب، وتدبرت ما تضمنته من عواقب.
لقد رأيت كيف يقولون ولم يفعلوا، وكيف يطلبون الجهاد رغبة من أنفسهم، حتى إذا فرض عليهم القتال ولوا مدبرين مخالفين عن أمر الله، كانوا ظالمين، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} لا يخفى عليه ظلم، وإلا ينجو من عقابه ظالم.
التعجب والتفكير معنى همزة الاستفهام في صدر هذه الآية، وموضع التعجب والتفكير حال هذا الملك الظالم الذي آتاه الله الملك، فاستولى عليه الأشر والبطر، وأخذ يجادل إبراهيم عليه السلام ويحاول التغلب عليه في مغالطة حمقاء.