ومن المعروف أن اللغة الفصحى أيضا في جميع لغات العالم، ذات أنماط وأشكال متنوعة من الأساليب وصور التعبير، باختلاف العوامل والظروف المحيطة بها من بعد الفترة الزمنية وأسباب النموّ والتطور، ومن هنا يقال: بتجاوز في التعبير، أن هناك نوعين من الفصحى: أما أولهما فالفصحى الكلاسيكية أي القديمة مثل فصحى العصر الجاهلي وما بعده التي فقدت الممارسة العملية لها أو قلّ استخدامها في مجالات الحياة اليومية، وأما ثانيهما فالفصحى المعاصرة التي تعيش في مجالات الحياة عن طريق الاستعمال الواقعي بصورة أو أخرى، وكلما بعدت الفترة الزمنية قلّت الممارسة العصرية كانت النتيجة جفوة بين اللغة وأهلها وتتفاوت درجات السهولة والصعوبة في فهمها واستخدامها اليومي.
ومن ثم ينبغي أن نضع في الاعتبار مجموعة من المبادئ العامة عند اختيار مادة اللغة الفصحى العربية لتعليمها، سواء لغير العرب أو العرب أنفسهم:
أ – يجب اختيار فصحى العصر لتعليم العربية لغير أهلها، إذ هي الصيغة الأسهل تناولا والأقرب منالا بحكم قربها الزمني ومعايشتها لمجالات الحياة اليومية، وجدير بالذكر أن هذه الفصحى ما تزال تنطوي على جميع الخواص الأساسية للغة العربية، بفضل القرآن الكريم، ويقال في هذا المجال، إن العرب يختلفون فيما بينهم، بنوع ما، في نطق الفصحى العصرية وفي بعض تراكيبها وصيغها، ويمكن الرد عليه بأن هذا أمر يمكن تناوله تناولا علميا وموضوعيا يصل بنا في النهاية إلى خطوط عريضة للغة مشتركة صالحة للتطبيق في العملية التعليمية على المستوى العربي العام، وإن اختيار مثل هذا المنهج ليكون أيضا عونا كبيرا على توحيد أو تقريب بين هذه الصور المتعددة كما أن فيه خدمة للقضاء على سطوة اللهجات العامية.