أيها القارئ الكريم اخترت لك هذه القطعة من كلام ذلك الإمام الهمام الذي خبر جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع تحديد نسبتها، ولقد تحدث عنها حديث خبير وناصح أمين، ثم حذر عن بنيات الطريق التي سلكوها والتي تبتعد بسالكها عن الصراط المستقيم، ولقد ضرب لها أمثلة عدة منها طريقة الخوارج ثم المعتزلة وغيرهما من أولئك الذين ضل سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، والذين لم يقفوا عند هذا الحسبان بل أخذوا يرمون الذين يسيرون على الدرب ولا يخرجون عن نصوص الكتاب والسنة يمنة ولا يسرة، يرمونهم بكل داهية إذ يطلقون عليهم أنهم مشبهة أو مجسمة أو حشوية وأخيرا قالوا بهم سذاجة زاعمين أن إثبات صفات الله تعالى على ضوء الكتاب والسنة دون تحريف، والاستنارة بهما في كل شيء والاكتفاء بهما في جميع المجالات يؤدي إلى كل ذلك وبذلك صدوا عن سبيل الله وعن التمسك بنصوص الكتاب والسنة التي أنزلت لهداية الناس، وأوهموا السذج من الناس أن التمسك بظاهر الوحي كتابا أو سنة يؤدي إلى الهلاك بل هو عين الهلاك والضلال كما صرح بذلك الشيخ الصاوي في حاشيته على الجلالين، أحسب ذلك في سورة الكهف، وفي هذه القطعة التي نقدمها لك أيها القارئ الكريم تجد الإمام ابن تيمية يضع النقاط على الحروف - كما يقولون - ويوقفك أمام الطريق الواضح المستقيم والموصل إلى الله بإذنه إن سلكته ورزقت الاستقامة عليه، وفي الوقت ذاته يحذرك عن بنيات الطريق، وهي تلك السبل الضيقة الوعرة التي تجدها بجانب سبيل الله المستقيم، والتي تبتعد وتشتط بسالكها عن سبيل الله ويجلس على كل سبيل صاحب طريقة يزين للناس سلوكهم بأسلوب مزخرف، وهي في يومك هذا أكثر منها وأخطر من ذي قبل، حيث ازداد عددا وكثر الدعاة إليها بأساليب مختلفة ومتنوعة عن أولئك الجهال الضلال الذين يتشدقون بملء أفواههم، ويهرفون بما لا يعرفون ليضلوا الناس عن الحق وهم يعلمون مستغلين في ذلك كل ما لديهم من جاه ومنصب أو