ومعنى القريب أنه سبحانه ليس قريبا من عبده قرب ذات وإنما قرب صفات، فهو قريب جدا من عبده قرب سمع وبصر وعلم وإحاطة وقهر ونصر وغير ذلك من صفات كماله تعالى، ويشير إلى هذا القرب قوله سبحانه:{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}(ق آية ١٦) . وحبل الوريد هو حبل العاتق، وهو ممتد من ناحية الحلق إلى العاتق، وهما وريدان عن يمين وشمال، وقال الحسن: الوريد الوتين، وهو عرق معلق بالقلب، وهو تمثيل للقرب بقرب ذلك العرق من الإنسان: أي نحن أقرب إليه من حبل وريده، والإضافة بيانية: أي حبل هو الوريد- وقيل الحبل هو نفس الوريد [١١٩] كما يشير تعالى إلى قربه من عبده بقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ}(الواقعة آية ٨٥) أي أقرب سبحانه من خلقه إلى عبده بعلمه وقدرته ورؤيته، ولكن عباده لا يدركون ذلك لجهلهم فإن الله تعالى أقرب إلى عبده من حبل الوريد [١٢٠] .
وقد اقترن اسمه (القريب) سبحانه باسمه "المجيب"مرة [١٢١] ، كما اقترن باسمه (السميع) مرة واحدة [١٢٢] ، واقترانه بالمجيب مرة ثم بالسميع مرة أخرى يفيد أنه سبحانه وتعالى يسمع وهو فوق عرشه كل شيء من خلقه سواء أعلن أم أخفى، جهر به أم أسر، لأنه قريب جدا منهم قرب سمع ورؤية وعلم وإحاطة وقدرة وقهر ونصر، قريب بصفاته تعالى من خلقه، وهو سبحانه قريب الإجابة لمن دعاه.