وانتهز ضمام فرصة إصغاء القوم، وقد رأى على وجوههم وجوما لم يعهده فيهم، ولاحظ عليهم اضطرابا شديدا، ولعل القوم قد تربصوا بضمام أن يحل عليه سخط آلهتهم، أو تنزل به لعنة الأصنام.
لقد تأكد الناس - حسبما كان في رؤوسهم من الأوهام - أن ضماما هالك لا محالة، وأن الآلهة لن تدعه سالما وقد اعتدى على قدسيتها، وانتهك كرامتها، فنظروا إليه آسفين عليه، متوقعين له الدمار.
وكان وجوم القوم واضطرابهم، وإشفاقهم على ضمام فرصة اهتبلها ضمام وقال لهم: إن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا، استنقذكم به مما كنتم فيه [٤٣] .
وأعلن ضمام إسلامه أمام قومه، وشهد شهادة الحق فقال: وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإني قد جئتكم من عنده بما أمركم به، ونهاكم عنه [٤٤] .
وأقبل المساء وضمام يتمتع بكامل صحته، لم يصبه جنون ولا جذام، ولا برص ولا هلاك، ونظر الناس إليه سليما معافى، لم تستطع الآلهة أن تصب عليه لعنتها؛ فهي إذن عاجزة، ولم تنزل به غضبها ونقمتها فهي لا محالة غير قادرة، ولو كانت آلهة تستحق التقدير والاحترام لما سكتت على هذا الهوان.
وعرف الناس الحق في كلام ضمام ودعوته، فآمنوا بما آمن به ودخلوا جميعا في دين الله، قال الراوي: فوالله ما أمسى في اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما [٤٥] .
قال ابن عباس: فما سمعنا بوافد قوم أفضل من ضمام بن ثعلبة [٤٦] .