للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حماد بن زيد.

وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان عن منصور، عن ربعي، قال: كنا في جنازة حذيفة فسمعت رجلا يقول:

سمعت هذا يقول في ناس، مما سمعت من رسول الله «لئن اقتتلتم لأنظرن إلى أقصى بيت في داري فلألجنه فلئن دخل علي فلان لأقولن ها، بؤ بإثمي وإثمك فأكون كخير ابني آدم».

وقوله ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ﴾ قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي في قوله ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ أي بإثم قتلي وإثمك الذي عليك قبل ذلك، قاله ابن جرير (١). وقال آخرون: يعني بذلك إني أريد أن تبوء بخطيئتي فتتحمل وزرها وإثمك في قتلك إياي، وهذا قول وجدته عن مجاهد وأخشى أن يكون غلطا لأن الصحيح من الرواية عنه خلافه، يعني ما رواه سفيان الثوري عن منصور عن مجاهد ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي﴾ قال: بقتلك إياي ﴿وَإِثْمِكَ﴾ قال: بما كان منك قبل ذلك، وكذا رواه عيسى بن أبي نجيح، عن مجاهد بمثله، وروى شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ يقول إني أريد أن يكون عليك خطيئتي ودمي فتبوء بهما جميعا.

(قلت) وقد يتوهم كثير من الناس هذا القول، ويذكرون في ذلك حديثا لا أصل له «ما ترك القاتل على المقتول من ذنب» وقد روى الحافظ أبو بكر البزار حديثا يشبه هذا ولكن ليس به فقال: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا عامر بن إبراهيم الأصبهاني، حدثنا يعقوب بن عبد الله، حدثنا عتبة بن سعيد عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله «قتل الصبر لا يمر بذنب إلا محاه» وهذا بهذا لا يصح، ولو صح فمعناه أن الله يكفر عن المقتول بألم القتل ذنوبه فأما أن تحمل على القاتل فلا، ولكن قد يتفق هذا في بعض الأشخاص وهو الغالب، فإن المقتول يطالب القاتل في العرصات، فيؤخذ له من حسناته بقدر مظلمته فإن نفدت ولم يستوف حقه، أخذ من سيئات المقتول، فطرحت على القاتل، فربما لا يبقى على المقتول خطيئة إلا وضعت على القاتل، وقد صح الحديث بذلك عن رسول الله في المظالم كلها، والقتل من أعظمها وأشدها والله أعلم.

وأما ابن جرير فقال: والصواب من القول في ذلك أن يقال إن تأويله إني أريد أن تنصرف بخطيئتك في قتلك إياي وذلك هو معنى قوله ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي﴾ وأما معنى ﴿وَإِثْمِكَ﴾ فهو إثمه يعني قتله (٢) وذلك معصيته الله ﷿ في أعمال سواه وإنما قلنا ذلك هو الصواب


(١) تفسير الطبري ٤/ ٥٣٤.
(٢) في تفسير الطبري: «فهو إثمه بغير قتله».

<<  <  ج: ص:  >  >>