للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبُو الْمُهَزِّمِ هُوَ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجٍّ أَوْ عمرة، فاستقبلنا جراد، فجعلنا نضربهن بعصينا وسياطنا، فنقتلهن، فسقط فِي أَيْدِينَا، فَقُلْنَا: مَا نَصْنَعُ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «لَا بَأْسَ بِصَيْدِ الْبَحْرِ» أَبُو الْمُهَزِّمِ ضَعِيفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا هارون بن عبد الله الجمال، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عبد الله عن علام، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا دَعَا عَلَى الْجَرَادِ قَالَ «اللَّهُمَّ أَهْلِكْ كِبَارَهُ، وَاقْتُلْ صِغَارَهُ، وَأَفْسِدْ بَيْضَهُ، وَاقْطَعْ دَابِرَهُ، وَخُذْ بِأَفْوَاهِهِ عَنْ مَعَايِشِنَا وَأَرْزَاقِنَا، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ» ، فَقَالَ خَالِدٌ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَدْعُو عَلَى جُنْدٍ مِنْ أَجْنَادِ اللَّهِ بِقَطْعِ دَابِرِهِ؟ فَقَالَ «إِنَّ الْجَرَادَ نَثْرَةُ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ» قَالَ هَاشِمٌ: قَالَ زِيَادٌ: فَحَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الْحُوتَ يَنْثُرُهُ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ.

وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ يَصِيدُ الْجَرَادَ فِي الْحَرَمِ، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ تُؤْكَلُ دَوَابُّ الْبَحْرِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: طَعَامُهُ كُلُّ مَا فِيهِ. وَقَدِ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ الضَّفَادِعَ وَأَبَاحَ مَا سِوَاهَا، لِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ، وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ، وَقَالَ: نَقِيقُهَا تَسْبِيحٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: يُؤْكَلُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ السَّمَكُ، وَلَا يُؤْكَلُ الضِّفْدِعُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُمَا، فَقِيلَ: يُؤْكَلُ سَائِرُ ذَلِكَ. وَقِيلَ: لَا يُؤْكَلُ. وَقِيلَ:

مَا أُكِلَ شَبَهَهُ مِنَ الْبَرِّ، أُكِلَ مِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. وَمَا لَا يُؤْكَلُ شَبَهُهُ لَا يُؤْكَلُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا وُجُوهٌ فِي مَذْهَبِ الشافعي رحمه الله تعالى.

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: لَا يُؤْكَلُ مَا مَاتَ فِي الْبَحْرِ، كَمَا لَا يُؤْكَلُ مَا مَاتَ فِي الْبَرِّ، لِعُمُومِ قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ بِنَحْوِ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي هُوَ ابْنُ قَانِعٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الحسين بن يزيد الطَّحَّانُ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا صِدْتُمُوهُ وَهُوَ حَيٌّ فَمَاتَ فَكُلُوهُ، وَمَا أَلْقَى الْبَحْرُ مَيِّتًا طَافِيًا فَلَا تَأْكُلُوهُ» ، ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بِهِ، وَهُوَ مُنْكَرٌ، وَقَدِ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِحَدِيثِ الْعَنْبَرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَبِحَدِيثِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا.

وَرَوَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أُحِلَّتْ لَنَا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدَّمَانِ: فَالْكَبِدُ وَالطُّحَالُ» وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَلَهُ شَوَاهِدُ، وَرُوِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>