للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس والثلث، وجعل للزوجة الثمن والربع. وللزوج الشطر والربع.

وقال العوفي عن ابن عباس قوله ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ وذلك لما أنزلت الفرائض التي فرض الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم وقالوا: تعطى المرأة الربع أو الثمن، وتعطى البنت النصف، ويعطى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يقاتل القوم، ولا يحوز الغنيمة، اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله ينساه، أو نقول له فيغير، فقال بعضهم: يا رسول الله تعطى الجارية نصف ما ترك أبوها، وليست تركب الفرس ولا تقاتل القوم، ويعطى الصبي الميراث وليس يغني شيئا وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم ويعطونه الأكبر فالأكبر.

رواه ابن أبي حاتم وابن جرير (١) أيضا.

وقوله ﴿فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ﴾ قال بعض الناس: قوله ﴿فَوْقَ﴾ زائدة، وتقديره فإن كن نساء اثنتين، كما في قوله ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ﴾ [الأنفال: ١٢] وهذا غير مسلم لا هنا ولا هناك. فإنه ليس في القرآن شيء زائد لا فائدة فيه، وهذا ممتنع، ثم قوله ﴿فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ﴾ لو كان المراد ما قالوه لقال: فلهما ثلث ما ترك وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة، فإنه تعالى حكم فيها للأختين بالثلثين. وإذا ورث الأختان الثلثين فلأن يرث البنتان الثلثين بالطريق الأولى. وقد تقدم في حديث جابر أن النبي ، حكم لابنتي سعد بن الربيع بالثلثين، فدل الكتاب والسنة على ذلك، وأيضا فإنه قال ﴿وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾ فلو كان للبنتين النصف لنص عليه أيضا، فلما حكم به للواحدة على انفرادها، دل على أن البنتين في حكم الثلاث، والله أعلم.

وقوله تعالى: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ إلى آخره، الأبوان لهما في الإرث أحوال [أحدها] أن يجتمعا مع الأولاد فيفرض لكل واحد منهما السدس، فإن لم يكن للميت إلا بنت واحدة، فرض لها النصف، وللأبوين لكل واحد منهما السدس؛ وأخذ الأب السدس الآخر بالتعصيب، فيجمع له والحالة هذه بين الفرض والتعصيب. [الحال الثاني] أن ينفرد الأبوان بالميراث، فيفرض للأم والحالة هذه الثلث، ويأخذ الأب الباقي بالتعصيب المحض، ويكون قد أخذ ضعفي ما فرض للأم، وهو الثلثان، فلو كان معهما-والحالة هذه-زوج أو زوجة أخذ الزوج النصف والزوجة الربع.

ثم اختلف العلماء ماذا تأخذ الأم بعد فرض الزوج والزوجة، على ثلاثة أقوال: [أحدها] أنها تأخذ ثلث الباقي في المسألتين، لأن الباقي كأنه جميع الميراث بالنسبة إليهما. وقد جعل


(١) رواه الطبري في تفسيره ٣/ ٦١٧ من طريق ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>