الله لها نصف ما جعل للأب. فتأخذ ثلث الباقي ويأخذ الأب ثلثيه، هذا قول عمر وعثمان، وأصح الروايتين عن علي، وبه يقول ابن مسعود وزيد بن ثابت، وهو قول الفقهاء السبعة والأئمة الأربعة وجمهور العلماء. [والثاني] أنها تأخذ ثلث جميع المال لعموم قوله ﴿فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ فإن الآية أعم من أن يكون معها زوج أو زوجة أو لا، وهو قول ابن عباس. وروي عن علي ومعاذ بن جبل نحوه. وبه يقول شريح وداود الظاهري.
واختاره أبو الحسين محمد بن عبد الله بن اللبان البصري في كتابه الإيجاز في علم الفرائض وهذا فيه نظر، بل هو ضعيف، لأن ظاهر الآية إنما هو إذا استبد بجميع التركة، وأما هنا فيأخذ الزوج أو الزوجة الفرض ويبقى الباقي كأنه جميع التركة فتأخذ ثلثه كما تقدم [والقول الثالث] أنها تأخذ ثلث جميع المال في مسألة الزوجة خاصة، فإنها تأخذ الربع وهو ثلاثة من اثني عشر، وتأخذ الأم الثلث وهو أربعة، فيبقى خمسة للأب، وأما في مسألة الزوج فتأخذ ثلث الباقي لئلا تأخذ أكثر من الأب لو أخذت ثلث المال، فتكون المسألة من ستة: للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث الباقي بعد ذلك وهو سهم، وللأب الباقي بعد ذلك وهو سهمان. ويحكى هذا عن ابن سيرين، وهو قول مركب من القولين الأولين، موافق كلا منهما في صورة وهو ضعيف أيضا، والصحيح الأول، والله أعلم.
والحال الثالث من أحوال الأبوين وهو اجتماعهما مع الإخوة، سواء كانوا من الأبوين أو من الأب أو من الأم، فإنهم لا يرثون مع الأب شيئا، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس، فيفرض لها مع وجودهم السدس، فإن لم يكن وارث سواها وسوى الأب، أخذ الأب الباقي. وحكم الأخوين فيما ذكرناه كحكم الإخوة عند الجمهور.
وقد روى البيهقي من طريق شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه دخل على عثمان، فقال: إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة، فقال عثمان: لا أستطيع تغيير ما كان قبلي، ومضى في الأمصار وتوارث به الناس. وفي صحة هذا الأثر نظر، فإن شعبة هذا تكلم فيه مالك بن أنس، ولو كان هذا صحيحا عن ابن عباس لذهب إليه أصحابه الأخصاء به، والمنقول عنهم خلافه، وقد روى عبد الرحمن بن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن أبيه أنه قال: الأخوان تسمى إخوة، وقد أفردت لهذه المسألة جزءا على حدة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة، حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد، عن قتادة قوله ﴿فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ أضروا بالأم ولا يرثون، ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ويحجبها ما فوق ذلك، وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم عن الثلث أن أباهم يلي إنكاحهم، ونفقته عليهم دون أمهم، وهذا كلام حسن. لكن روي عن ابن عباس بإسناد صحيح أنه كان يرى أن السدس الذي حجبوه عن أمهم يكون لهم؛ وهذا قول شاذ