للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ضمن هذا الكتاب الرد على فرقة الجهمية، وعلى رأسها زعيمها الأول ومؤسس بدعتها جهم بن صفوان المتوفى سنة ١٢٨ مقتولا [٦] ، ذلك الذي تأثر بعناصر فلسفية في نفي الصفات، وبعناصر يهودية، وصابئة، وبوذية في ترمذ والكوفة وحران [٧] ، فطلع على الناس ببدعته في نفي الصفات، والقول بخلق القرآن والقول بالجبر؛ لأن الله عنده لا يمكن أن يتصف بصفة تكون مشتركة بينه وبين خلقه، فذلك في تصوره يقتضي التشبيه، إلا أنه أثبت أن الله قادر وفاعل؛ لأن العبد لا يوصف عنده بقدرة ولا فعل [٨] ؛ لأنه يقول بالجبر، ولما كان مذهبه هذا يؤدي إلى تعطيل الصفات، وإلى تعطيل التكليف، والشرع، وإبطال النبوات والرسالات - لأن الإنسان عنده، لا كسب له ولا اختيار وإنما هو ريشة في مهب الرياح - اشتد إنكار السلف عليه وبينوا بطلان مذهبه، ومن هؤلاء ابن مندة؛ فقد استعرض في هذا الكتاب عددا من الصفات التي أنكرها الجهمية، ورد على هؤلاء المنكرين لحقائق هذه الصفات، بما ورد في القرآن الكريم، وما ثبت في صحيح السنة، مما رواه الشيخان وغيرهما، ثم أتبعهما بأحاديث وآثار منها الحسن ومنها الضعيف، أوردها بأسانيدها وأشار إلى ضعف بعضها أو عدم ثبوته، والضعيف منها لا يعدو أن يكون إيراده متابعة أو استشهادا، إذ الاعتماد على ما جاء في كتاب الله الكريم والثابت من السنة الوارد في الصحيحين وغيرهما فقد صدر المصنف الأبواب التي ذكرها بالآيات القرآنية والأحاديث الثابتة.