ثم قال - أي الذهبي-: وكتاب (الإبانة) من أشهر تصانيف أبي الحسن، شهّره الحافظ ابن عساكر واعتمد عليه، ونسخه بخطه الإمام محيي الدين النواوي، ونقل الإمام ابن فورك المقالة المذكورة عن أصحاب الحديث عن أبي الحسن الأشعري في كتاب (المقالات والخلاف) بين الأشعري وبين أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري، تأليف ابن فورك، فقال: الفصل الأول في ذكر ما حكى أبو الحسن رضي الله عنه في كتاب المقالات من جمل مذاهب أصحاب الحديث، وما أبان في آخره أنه يقول بجميع ذلك، ثم سرد ابن فورك المقالة بهيئتها، ثم قال في آخره: فهذا تحقيق لك من ألفاظه أنه معتقد لهذه الأصول التي هي قواعد أصحاب الحديث وأساس توحيدهم [١٥] .
ثم قال في ص ١٦٢: قال الحافظ الحجة أبو القاسم بن عساكر في كتاب (تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري) : فإذا كان أبو الحسن رحمه الله كما ذكرنا عنه من حسن الاعتقاد، مستصوب المذهب عند أهل المعرفة والانتقاد، يوافقه في أكثر ما يذهب إليه أكابر العباد.. إلى أن قال: فاسمع ما ذكره في كتاب الإبانة، فإنه قال: الحمد لله.. إلى أن قال: وجملة قولنا أن نقر بالله وملائكته.. وأن الله مستو على عرشه كما قال:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، وأن له وجها كما قال:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} ، وأن له يدين كما قال:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[١٦] .
ثم قال الذهبي: فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة أبي الحسن هذه ولزموها لأحسنوا، ولكنهم خاضوا كخوض حكماء الأوائل في الأشياء، ومشوا خلف المنطق؛ فلا قوة إلا بالله! [١٧] .
وبعد هذا العرض لأقوال بعض الأئمة نرى أن الصفات التي ردوا فيها على الجهمية هي: صفة الاستواء على العرش، وصفة النزول، وصفة الكلام، ورؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.