الجواب: لا، هم موجودون ويدعون العالم والشباب المسلم لاعتقادها؛ فما عقيدة أبي منصور الماتوريدي في هذه الصفات التي يدعو لها ويدعي بعض الكتاب أن الأمة سلمت، بل أجمعت على عقيدة أبي منصور الماتوريدي، وأبي الحسن الأشعري - ولا يقصد بعقيدة أبي الحسن الأشعري التي سبق بيانها في الإبانة والمقالات كما نقلها ابن عساكر في تبيين كذب المفتري، وعنه الذهبي في العلو للعلي الغفار - وإنما يريد عقيدة الأشاعرة التي ذكرها صاحب جوهرة التوحيد في قوله:
وكل نص أوهم التشبيها
أوله أو فوض ورم تنزيها
قال الشارح البيجوري - بعد أن بين أن المقصود بالنص في قوله:(وكل نص) هو الدليل من الكتاب أو السنة -: إن التفويض بعد التأويل الإجمالي وهو صرف اللفظ عن ظاهره، ثم ذكر بعض النصوص التي توهم التشبيه فقال: فمما يوهم الجهة - أي جهة العلو لله -، قوله تعالى:{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ، قال: فالسلف يقولون فوقية لا نعلمها، والخلف يقولون: المراد بالفوقية التعالي في العظمة.
قال: ومنه قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ؛ فالسلف يقولون: استواء لا نعلمه [١٨] ، والخلف يقولون: المراد به الاستيلاء والملك، كما قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق
من غير سيف ودم مهراق [١٩]
ويقول الآمدي في غاية المرام في علم الكلام ص ٢٠٠ - محاولا نفي الجهة عن الله تعالى، وهي جهة العلو، ورادا للنصوص القرآنية الواردة في ذلك، - قال: ولعل الخصم قد يتمسك هاهنا بظاهر من الكتاب والسنة، وأقوال بعض الأئمة، وهي بأسرها ظنية ولا يسوغ استعمالها في المسائل القطعية؛ فلهذا آثرنا الإعراض عنها ولم نشغل الزمان بإيرادها. اه
القرآن كلام الله:
قالت الجهمية والمعتزلة: إنه مخلوق، ورد عليهم السلف، وضرب الإمام أحمد بن حنبل على ذلك بين يدي المعتصم.