للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعود فأقول: لقد عاش أجدادنا في الماضي - وبالرغم من الظروف الصعبة وقلة سبل العلاج - بعيدين عن الأمراض ومضاعفاتها، وفكروا وتعلموا الحكمة، وظهر النبهاء من العلماء في كافة العلوم من طب وعلوم وفلك بينما كانت أوربا في جهل عميق، لقد جمع الإسلام الأسرة ووحد شملها ودرب المسلمين على النظام؛ إذ حثهم على القيام من نومهم مبكرين ليصلوا الفجر وليتناولوا فطورهم المتكون عادة من اللبن وأنواع التمور، وتوجهوا إلى أعمالهم مبكرين واستقبلوا يومهم متوكلين على الله ومستعينين به في كل أعمالهم، وأدوا حق الله عليهم، فخشعت قلوبهم، واطمأنت بذكر الله نفوسهم، وعاشوا جميعا أخوة متحابين، وذكروا اسم الله في كل عمل يستقبلونه، فلم تكن هناك أمراض نفسية ولا عصبية، ولقد أثبتت التجارب أن الأمراض النفسية تؤثر على صحة الإنسان وعلى سلامة أعضائه، فكثير من الأمراض العضوية سببها الاضطرابات النفسية والعصبية، فلنرجع إلى الله سبحانه وتعالى ونستغفره ونتوب إليه؛ لتطمئن نفوسنا ويصلح حالنا وتشفى نفوسنا وأجسادنا، فالجسم البشري جهاز متعاون متكامل، وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثه: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" [٣] ، وأود أن أذكر أنه قبل أن تكتشف الأمراض وتظهر علاقة المرض بأعضاء الجسم وتأثيرها عليه، كان قول رسولنا الكريم وهو لا ينطق عن الهوى لأنه وحي يوحى إليه من الله تعالى، ومن هنا ننظر إلى عظمة الإسلام وحضارته منذ أربعة عشر قرنا من الزمان، وقد سبق في الفضل الغرب والشرق، إذ أننا نجد أن مرض أي عضو من أعضاء الجسم له شواهده وأعراضه على بقية أجزاء الجسم الأخرى، فكثير من الأمراض الداخلية لها شواهد تظهر أحيانا في الفم واللسان أو الأسنان أو الجلد، وكذلك تظهر في ارتفاع درجة الحرارة.