بقي أن نعرف أن الخلية العصبية تتغذى كباقي الخلايا، وتتفاعل كما تتفاعل الخلايا الأخرى، وتركيبها الداخلي أيضا لا يفترق كثيرا عن الخلايا الأخرى، فما هو الشيء الكامن فيها بحيث تكون مقرا للتفكير والإدراك والخيال؟ لا جواب، كل الذي وصل إليه العلماء أنه يوجد بداخل الخلية العصبية جسيمات (جسيمات نيسل) لا توجد في الخلايا الأخرى، ووجد أنها تكثر أثناء الراحة وتقل أثناء العمل.
ولا يزال البحث جاريا للكشف عن هذا السر والوقوف على الأشياء الكثيرة التي مازالت في عالم المجهول، بالرغم من تقدم العلم إلى أقصى مداه، وصدق الله:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاًّ قَلِيلاً} .
وتوجد أمراض كثيرة تصيب هذا لجهاز الغالي، وتحدث أعراضا غريبة ومخيفة، وسنذكر منها أعراض حالة واحدة تجعل الإنسان يفقد أعز ما وهبه الله، وهذه الحالة تسمى (الحبسة) ، وتحدث بأحد الأشكال الآتية:
أ- تجد المريض يسمع جيدا ويفهم ما يقال له، ويرى جيدا ويفهم ما يراه، ومع كل هذا لا يستطيع أن ينطق بالكلمة التي سمعها أو يكتب الشيء الذي رآه.
ب- المريض يسمع لكنه لا يفهم ما يسمعه، مع أنه يتكلم ولكن لا فائدة ولا معنى لكلامه.
ج- المريض يقرأ ويكتب ويرى الكتابة، ولكنه لا يفهم معناها.
د- له عين سليمة، وأذن طبيعية، وأحبال صوتية عادية، لكنه إذا رأى لا يفهم ما يراه، وإذا سمع لا يعقل ما سمعه، وإذا أراد النطق عجز عن ذلك.
أظن بعد هذا الجزء القليل من هذا المرض المخيف الذي أصاب مركزا واحدا من مراكز المخ العديدة أنه لا يعقل أن يتكبر هذا الإنسان الذي خلق من طين، وأصبح خصيما مبينا، بل من البديهي أن يشكر الله الذي أفاض عليه من نعمه وهداه وعافاه.