لقد جربنا كل شيء، جربنا التعامل مع الشرق والغرب، جربنا الكَمّ من السلاح، جربنا جميع الشعارات السرابية الخادعة، وانتهت بنا التجارب إلى الحقيقة الثابتة الراشدة أننا بالإسلام ولن نكون بغيره؛ إذ عندما أرادت الشعارات أن تكون بغيره لم نصل في روابطنا إلى مستوى الحيوانات الدنيا.
إن الحيوانات قد تتقاتل بعضها مع بعض ويشاحن بعضها بعضا، لكنها عندما تشعر بخطر خارجي يتساند بعضها مع بعض لرد العدو ودرء الخطر، وعندما بعدنا عن ديننا وتنكرنا له في روابطنا لم نصل في كثير من المواقف إلى مستوى الحيوانات التي لا ترى متناطحة والعدو يقصد حماها أو متنازعة والخطر محدق بحظائرها.
إننا حين مضينا إلى الأعداء دون أن نستند إلى الأصل الثابت - وهو الإسلام - بدت مواقفنا أمام أنفسنا وأمام العالم كله متناقضة تثير الهزء وتدعو إلى السخرية؛ ذلك أننا فقدنا وحدة الكلمة ووحدة الاتجاه، ولو استندنا إلى الأصل الثابت وأخضعنا أهواءنا له لاتّزنت خطانا ولم نقع في متناقضات بين أقوالنا وأفعالنا.
إن انتصار أعدائنا في غاراتهم المعاصرة كان انتصارا في فراغ، أعني أن الجو قد خلا لهم وأن النفوس قد تغيرت بفعل الشعارات واضطربت الموازين؛ فغدا المستحيل جائزا وأصبح الحرام حلالا.
وقد تعلمنا من وقائع ديننا أن الأمم يقذف في قلوب أبنائها الوهن عندما تصل إلى درجة الغثاء، ولا يكون ذلك إلا عندما تفشو الفرقة ويقع التنازع فيأتي الفشل ويذهب الريح.
إن شيئا واحدا قد عمل على تكوين الشخصية الإسلامية والمحافظة عليها على مر التاريخ، وهو الإسلام، وفي عصرنا هذا قد تكالب الأعداء علينا بعد أن استطاعوا بوسائل متعددة إضعاف الروح الإسلامية وإغراء المسلمين بسفك دماء بعضهم بعضا، والعمل دؤوب على تدمير الروابط الإسلامية بشتى الوسائل ليظل أعداء الإسلام هم أصحاب الكلمة في ديار الإسلام.