نحن في عصر لا يسمع فيه للضعيف كلمة ولا للمنهزم حجة، وإنما الكلمة للقوي والاحترام للمنتصر، ولا يرضى لنا ديننا أن نكون ضعفاء ولن نكون ضعفاء ونحن نعتصم بالقرآن ونتحرك بدوافعه؛ نرد حياتنا إليه ونقيم روابطنا عليه؛ نصحح به واقعنا وننير حاضرنا ومستقبلنا، وأول أسباب القوة وحدة أمتنا الإسلامية على سواء.
ولن تكون هذه الكلمة من صنع بشر، لن تكون شعارا مستوردا من شرق أو غرب، وإنما هي الكلمة التي نادى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر من ربه؛ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} .
تلك هي الكلمة التي يتم بها الاستخلاف والتمكين في الأرض ويتحقق الأمن بعد الخوف؛ {يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} .
ولا أعرف موقفا واحدا واجهنا فيه أعداءنا وظفرنا بتأييد ونصر من الله بغير صدق الولاء لهذه الكلمة؛ بها واجهنا جميع التحديات التي فرضت علينا، ولم نستطع بغير نصرتها أن نصنع شيئا، بل ذقنا مرارة الذل ومهانة الفرقة وغدت ديارنا مرتعا للذئاب وتداعي الأمم عليها كما تداعى الأكلة على قصعتها، ونحن كثير كثرة الغثاء ونحن أمة واحدة ولكن فرقتها الأهواء.
فما هو السبيل لرد هذه الأمة إلى ما كانت عليه عزيزة متحابة متعاطفة متراحمة؟ ما هو السبيل لوحدتها لكي تدرأ الخطر عن نفسها وترد كيد عدوها؟
نحن نؤمن إيمانا جازما أننا بغير لإسلام الذي تجتمع عليه القلوب لن نصنع شيئا؟ ولكن ما هو السبيل لرضى النفوس به وتنشئة الناشئة عليه وقيامه في حياتنا الخاصة والعامة مقام الروح في الجسد؟ ما هو السبيل لعودة المسلمين جميعا إليه وأخذ أنفسهم به وإخضاع أهوائهم له ومواجهة خصومهم بنصرته والدعوة إليه؟