تزكية وتعليم؛ تلك مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل منة الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم، هذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصر في بعض المواطن بعثته عليه؛ "إنما بعثت معلما".
{وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} : عن هذا الطريق يوجد الإنسان الصحيح، ويوجد التصور الكلي، بل يوجد الإعداد الشامل لتحقيق الغاية العليا (إعلاء كلمة الله) التي لا تعز نفوسنا إلا بها، ولا نقاتل إلا من أجلها ولا نحقق أمنا وسلاما لأنفسنا وللعالم من حولنا إلا بمقوماتها، ولا تتحقق الولاية بين المؤمنين إلا بحسن الاتجاه إليها.
عن هذا الطريق نأخذ بجميع الأسباب المحققة للغاية {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ودعونا نصارح أنفسنا لنرى ما هو السبيل لتعليم الكتاب وتدبره؟ أنتدبره بأسلوب الاغويين؟ أو نتأمله بأسلوب الحكماء والفلاسفة؟ أو بمنطق الفقهاء؟ أو بأسلوب الفرق والمذاهب؟ وكل ذلك واقع وتحشى به الكتب حشوا.
أراني رضي النفس خاشع القلب عندما أقول نتأمله في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلامه وحياته وجهاده وسلوك صحابته الأطهار من بعده.
ولست بهذا أحول عن الدراسات المنهجية لشتى المذاهب والأفكار، ولكنني أتأمل واقع أمتنا الإسلامية فالتمس سبيلا لعزها ومجدها، ولا عز لها إلا أن ترى كيف كان القرآن الكريم خلقا لنبيها صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يرضى برضاه ويسخط بسخطه، هكذا تعلمه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا القرآن والعلم والعمل جميعا، وبهذا يأتي القرآن شفيعا لأهله ويأتي أهله مكرمين معه كما جاء في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران؛ تحاجان عن صاحبهما".