والله الذي أنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط قد أنزل الأسباب التي تحقق نصره، وجعل الأخذ بالأسباب مع صدق النية عملا من أعمال الدين يكافئ الله عليها بالنصر والتأييد، وهنا نجد أنفسنا بدافع من الكتاب نفسه مطالبين بجميع المعارف التي لابد منها في إعداد القوة الملائمة لعصرنا، وهذا يقتضي غيرة ومثابرة ودراسة ومتابعة بحيث يتآخى العالم الإسلامي كله في مواجهة الظروف التي تحيط به، وتتآخى اللبنات المتخصصة في فروع العلوم المختلفة بدافع تعبدي ينصر فيه دين الله وتعلو كلمته، وذاك موضوع امتحاننا واختبارنا في هذه الحياة؛ {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} .
{وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} : عن هذا الطريق يوجد الإنسان الصحيح، وبه نعمل على حل المتناقضات، ونعالج في رحمة وبر وصراحة وحكمة قضايا أمتنا الإسلامية، ولا نترك للمتربصين ثغرات ينفذون منها فنعين العدو - بقصد أو بغير قصد - على تحقيق أهدافه وتنفيذ أغراضه وتدمير الأمة الإسلامية وضرب بعضها ببعض.
وهذا يستلزم أن يتجرد المؤمنون لأمر الدين، وأن يمنحوه صدق القلوب ووفاء النفوس، وأن يكون أغلى شيء لديهم، وأن يطوعوا له وقتهم وأنفسهم وأموالهم، وأن تنشرح بذلك صدورهم؛ ولهم بذلك عز الدنيا وسعادة الآخرة.
إننا - نحن العاملين في مجال الدراسات الإسلامية - مسئولون عن أي انحراف في مجال الفكر والتصور، وعلى عاتق المربين تقع المسئولية الأولى.