فإن الغارة على الأمة الإسلامية ما بين فترة وأخرى تقيم حربا ضارية على هذه المفاهيم؛ تدميرا لروابط هذه الأمة وإبعادا للإسلام عن الساحة، وكلما أريد قضاء أمر لا يرضاه الإسلام ولا يقره ظهرت الموجة التقليدية (لا دخل للدين في السياسة) ، وكأننا بهذا نشرع لأنفسنا وبأهوائنا ما لم يأذن به الله، إن الشرع ما شرع الله لا ما أحبت النفس أو رغبت؛ {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} .
نحن نستطيع بوعي أن نفرق بين أمرين:
أمر لا عذر لنا فيه: وهذا أن نرد أنفسنا وأمتنا الإسلامية إلى كتاب ربنا الذي يجب أن نحققه وسنة نبينا، وهو الجانب الأعظم الذي يجب أن نحققه في مواجهة الأخطار المحدقة بنا وطلب النصر من الله، ولا عذر لنا في ذلك؛ فنحن لا نستورد معالم ديننا من مخازن الأسلحة في شرق أو غرب حتى يضنَّ علينا به، وإنما نحن الذين نردده بلسان عربي مبين ونسمع آيات الله للعالمين.
وإذا لم توقظنا هذه الكوارث والتجارب المريرة فماذا ننتظر من عبر وعظات.
قلت: نستطيع أن نفرق بين أمرين:
١- أمر يرتبط بأخذ أنفسنا بهذا الدين، ولا عذر لنا فيه.
٢- وأمر يرتبط بإعداد القوة المناسبة لعصرنا ووضعنا، وهذا الجانب يتوقف على الجد في حياتنا والاستقامة في سلوكنا حتى نهيئ مناخا صالحا للتفوق فيما تخلفنا فيه.
نحن لا نتعجل الثمرة أو نطلبها في غير موعدها، ولكنا نود - على مستوى العالم الإسلامي - أن نهيئ مناخا مناسبا، وأن نبدأ بدايات صالحة نحافظ فيها على الإنسان وعلى الإمكانات المتاحة لنا.
إن التكنولوجيا الحديثة - كما يسمونها - لم تعد وقفا على أمة دون أمة، ولكن الأمر يختلف من أمة إلى أخرى بما توفر هذه أو تلك من أسباب الجد والمحافظة على مقومات الإنسان.